إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
83429 مشاهدة
التوحيد أصل الدين

...............................................................................


يقول المؤلف -هنا- فالله.. الله.. يا إخواني: تمسكوا بأصل دينكم، أوله وآخره، وأُسّه ورأسه: شهادة أن لا إله إلا الله. تمسكوا بأصل دينكم:
يخاطب بعض المستجيبين الذين انتبهوا، وعرفوا معنى: لا إله إلا الله. فيقول: تمسكوا بأصل دينكم.
أصل الشيء: هو أساسه. الأصل في اللغة: هو أساس الشيء. الأصل: ما يبنى عليه غيره، أصل هذا الجدار: الأساس الذي قام عليه.
فيقول: إن أصل دينكم: لا إله إلا الله، وإنها أوله وآخره، إنها أول ما يدخل به الإسلام، وإنها آخر ما يتركه.
أول ما يدخل: أن يدين بـلا إله إلا الله، وآخر ما يتركه: كلمة لا إله إلا الله، وأساسه الذي ينبني عليه ورأسه: هو شهادة أن لا إله إلا الله.
هذه حقا هي أصل الإسلام وأساسه. يحث على تعلم معناها، وعلى التمسك بما تدل عليه، فيقول: اعرفوا معناها، وأحبوها، وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم؛ ولو كانوا بعيدين.
قد بين معناها، يعني: ذكر في ثلاثة الأصول قال: معنى لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله. وبيّن -هنا- أنها: نفي، وإثبات.
أركانه: النفي، والإثبات. نافيًا جميع ما يعبد من دون الله، ومثبتًا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه.
وذكر أن تفسيرها الذي وظفها.. قول إبراهيم لقومه: إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ هذا هو النفي. إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي هذا هو الإثبات. فاعرفوا معناها: أنها تدل على أن الإنسان لا يتخذ مألوها غير الله، وأن الإله: هو الذي تألهه القلوب -أي- تحبه، وتعظمه، وتجله، وترجوه، وتخافه، وتعتمد عليه. وإذا عرفتموها فأحبوها: ولا شك أن من أحبها تمسك بها، وأن بالتمسك بها يحصل تطبيقها، ويحصل البعد عن كل ما يضادها، أو يضاهي التوحيد، أو يضاهي كماله؛ لأن من أحب شيئا أكثر من ذكره، فإذا أحب الإنسان التوحيد، وكلمة التوحيد؛ أكثر منها ذكرا وتطبيقا وعملا.